فصل: تفسير الآية رقم (75):

/ﻪـ 
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (68):

{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)}
(68)- ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَكَيْفَ تَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ عَلَى أُمُورٍ لا تَعْرِفُ أَنْتَ خَفَايَاهَا، وَالمَصْلَحَةُ البَاطِنَةُ فِيهَا، التِي أَطْلَعَنِي اللهُ عَلَيْهَا؟
خُبْراً- عِلْماً وَمَعْرِفَةً.

.تفسير الآية رقم (69):

{قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}
(69)- فَقَالَ لَهُ مُوسَى: سَتَجِدُنِي صَابِراً إِنْ شَاءَ اللهُ عَلَى مَا سَأَرَى مِنَ الأُمُورِ مِنْكَ، وَلَنْ أَعْصِي أَمْراً لَكَ، وَلَنْ أُخَالِفَكَ فِي شَيْءٍ.

.تفسير الآية رقم (70):

{قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}
{تَسْأَلْني}
(70)- فَقَالَ الرَّجُلُ لِمُوسَى: إِذَا أَرْدْتَ أَنْ تُرَافِقَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيءٍ يِبْدُو لَكَ غَرِيباً، غَيْرَ مَفْهُومٍ، مِنْ أَفْعَالِي، حَتَّى أَبْدَأَكَ أَنَا بِالحَدِيثِ عَنْهُ، وَأَشْرَحَهُ لَكَ.

.تفسير الآية رقم (71):

{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)}
(71)- وَبَعْدَ أَنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُرَافِق مُوسَى الرَّجُلَ الصَّالِحَ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهُ، رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ فِي البَحْرِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ تَمْخُرُ عَبَابَ البَحْرِ، وَلَمَّا أَوْغَلَتِ السَّفِينَةُ فِي البَحْرِ، قَامَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ بِأَنِ اسْتَخْرَجَ لَوْحاً مِنْ أَلْوَاحِهَا، ثُمَّ وَضَعَ مَكَانَهُ لَوْحاً آخَرَ، فَأَصْبَحَتِ السَّفِينَةُ وَكَأَنَّهَا مَرْقُوعَةٌ، فَلَمْ يَتَمَالَكْ مُوسَى نَفْسَهُ، فَقَالَ مُنْكِراً: إِنْ خَرْقَكَ السَّفِينَةَ يُؤَدِّي إِلَى إِغْرَاقِ مَنْ فِيهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً عَجِيباً مُنْكَرا.
شَيْئاً إِمْراً- شَيْئاً عَظِيماً مُنْكَراً، أَوْ عَجِيباً.

.تفسير الآية رقم (72):

{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)}
(72)- فَقَالَ الرَّجُلُ لِمُوسَى: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ: إِنَّكَ لَنْ تَسَتَطِيعَ صَبْراً عَلَى مَا سَتَرَاهُ مِنْ فِعْلِي؟ وَإِنَّمَا أَنَا قُمْتُ بِمَا قُمْتُ بِهِ لِمَصْلَحَةٍ لا تَعْرِفُهَا أَنْتَ.

.تفسير الآية رقم (73):

{قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)}
(73)- فَقَالَ لَهُ مُوسَى مُعْتَذِراً: إِنَّهُ نَسِيَ مَا كَانَ مِنِ اتِّفَاقٍ بَيْنَهُمَا، وَرَجَاهُ أَنْ لا يَضِيقَ عَلَيْهِ، وَلا يُرْهِقَهُ بِالمُؤَاخَذَةِ.
لا تُرْهِقْنِي- لا تَحْمِلْنِي.
عُسْراً- صُعُوبَةً أَوْ مَشَقَّةً.

.تفسير الآية رقم (74):

{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)}
{غُلاماً}
(74)- وَبَعْدَ أَنْ نَزَلا مِنَ السَّفِينَةِ، سَارَا فِي سَبِيلِهِمَا فَوَجَدَا غُلاماً فِي إِحْدَى القُرَى يَلْعَبُ مَعْ أَتْرَابِهِ، فَأَخَذَهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَقَتَلَهُ، فَاسْتَنْكَرَ مُوسَى ذَلِكَ. وَقَالَ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ: إِنَّكَ قَدِ ارْتَكَبْتَ أَمْراً تُنْكِرُهُ العُقُولُ (نُكْراً)، بِقَتْلِكَ نَفْساً زَكِيَّةً طَاهِرَةً، بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا قَتْلٌ تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ العُقُوبَةَ.
شَيْئاً نُكْراً- شَيْئاً مُنْكَراً فَظِيعاً تُنْكِرُهُ العُقُولُ.

.تفسير الآية رقم (75):

{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)}
(75)- فَقَالَ الرَّجُلُ مُذَكِّراً بِمَا قَالَهُ فِي بِدْءِ الرِّحْلَةِ، وَهُوَ أَنَّ مُوسَى لَنْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ سَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الأَسَبَابَ الخَفِيَّةَ لِلْفِعْلِ؟

.تفسير الآية رقم (76):

{قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)}
{تُصَاحِبْنِي}
(76)- فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنِ اعْتَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي شَيءٍ بَعْدَ هَذِهِ المَرَّةِ، فَلا تُصَاحِبْنِي لأَنَّكَ أَعْذَرْتَ إِلَيَّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.

.تفسير الآية رقم (77):

{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}
{لَتَّخَذْتَ}
(77)- فَسَارَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي سَبِيلِهِمَا حَتَّى أَتَيَا قَرْيَةً، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا زَادٌ، فَسَأَلا أَهْلَهَا الطَّعَامَ، فَلَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ فِيهَا أَنْ يُطْعِمْهُمَا. وَبَيْنَمَا كَانَا يَسِيرَانِ فِي القَرْيَةِ وَجَدَا جِدَاراً مُتَدَاعِياً لِلسُّقُوطِ، فَقَامَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بِإِقَامَتِهِ وَتَدْعِيمِهِ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّ أَهْلَ القَرْيَةِ لَمْ يُطْعِمُوهُمَا، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَقُومَ لَهُمْ بِعَمَلٍ بِدًونِ أَجْرٍ.
فَأَبَوْا- فَامْتَنَعُوا.
يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ- مُتَدَاعِياً لِلسُّقُوطِ.

.تفسير الآية رقم (78):

{قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)}
(78)- فَقَالَ الرَّجُلُ لِمُوسَى: إِنَّكَ اشْتَرَطْتَ وَقْتَ قَتْلِ الغُلامِ أَنْ لا أُصَاحِبَكَ إِنْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيءٍ دُونَ أَنْ أُحَدِّثُكَ أَنَا بِأَمْرِهِ، وَلِذَلِكَ فَإِنِّي أُفَارِقُكَ، وَلَكِنَّنِي سَأُخْبِرُكَ بِتَفْسِيرِ (تَأْوِيلِ) مَا قُمْتُ بِهِ مِنْ أَعْمَالٍ اسْتَنْكَرْتَهَا أَنْتَ، وَاسْتَغْرَبْتَهَا، وَلَمْ تَسْتَطِعْ صَبْراً عَلَيْهَا.
بِتَأْوِيلِ- بِمَآلِ وَعَاقِبَةِ، أَوْ تَفْسِيرِ.

.تفسير الآية رقم (79):

{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)}
{لِمَسَاكِينَ}
(79)- وَبَدَأَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بِشَرْحِ الأَسْبَابِ التِي حَمَلَتْهُ عَلَى خَرْقِ السَّفِينَةِ، فَقَالَ: إِنَّهُ إِنَّمَا قَامَ بِخَرْقِ السَّفِينَةِ لِيُحْدِثَ فِيهَا عَيْباً، لأَنَّهُمْ كَانُوا سَيَمُرُّونَ فِي طَرِيقِهِمْ عَلَى مَلِكٍ ظَالِمٍ، يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ حَسَنَةِ المَنْظَرِ، غَصْباً، وَإِحْدَاثِ العَيْبِ فِي السَّفِينَةِ يُنْقِذُهَا مِنْ شَرِّ هَذَا المَلِكِ الظَّالِمِ، وَالسَّفِينَةُ يَمْلِكُهَا جَمَاعَةٌ مَسَاكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيءٌ غَيْرَهَا يَرْتَزِقُونَ مِنْهُ.
وَرَاءَهُمْ- أَمَامَهُمْ أَوْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
غَصْباً- اسْتِلاباً بِغَيْرِ حَقٍّ.

.تفسير الآية رقم (80):

{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)}
{الغلام} {طُغْيَاناً}
(80)- أَمَّا الغُلامُ الَّذِي قَتَلَهُ، فَإِنَّهُ فِيمَا قَدَّرَ اللهُ، قَدْ طُبِعَ عَلَى الكُفْرِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنِينَ صَالِحَيْنِ، فَخَشِيتُ أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُمَا لابْنِهِمَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ عَلَى كُفْرِهِ، فَيَكُونَ فِي ذَلِكَ هَلاكُهُمَا.
يُرْهِقُهُمَا- يُكَلِّفُهُمَا أَوْ يُغْشِيهُمَا.

.تفسير الآية رقم (81):

{فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)}
{زَكَاةً}
(81)- فَأَرَادَ أَنْ يُبْدِلَهُمَا اللهُ بِهِ وَلَداً أَزْكَى مِنْهُ نَفْساً (خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً)، وَأَكْثَرَ بِرّاً بِوَالِدَيْهِ.
زَكَاةً- طَهَارَةً مِنَ السُّوءِ، أَوْ دِيناً وَصَلاحاً.
وَأَقْرَبَ رُحْماً- رَحْمَةً عَلَيْهِمَا وَبِرّاً بِهِمَا.

.تفسير الآية رقم (82):

{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}
{لِغُلامَيْنِ} {صَالِحاً}
(82)- أَمَّا الجِدَارُ الَّذِي أَقَامَهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، وَدَعَّمَهُ دُونَ أَجْرٍ، فَقَدْ كَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي القَرْيَةِ، وَكَانَ أَبُوهُمَا رَجُلاً صَالِحاً، وَكَانَ تَحْتَ الجِدَارِ المَائِلِ لِلانْهِدَامِ، كَنْزٌ مَدْفُونٌ لا يَعْرِفُ مَكَانَهُ أَحَدٌ، فَإِذَا انْهَارَ الجِدَارُ، وَهُمَا صَغِيرَانِ، فَقَدْ يَضِيعُ الكَنْزُ، وَلا يَنْتَفِعَانِ بِهِ، لِذَلِكَ أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الجِدَارَ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الكَنْزِ الَّذِي تَحْتَهُ، حَتَّى يَبْلُغَ الغُلامَانِ أَشُدَّهُمَا، وَيَسْتَطِيعَا اسْتِخْرَاجَهُ وَالانْتِفَاعَ بِهِ.
وَأَضَافَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَائِلاً: إِنَّ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الحَالاتِ الثَّلاثِ إِنَّمَا كَانَ رَحْمَةً مِنَ اللهِ بِأَصْحَابِ السَّفِينَةِ، وَبِوَالِدَي الغُلامِ الَّذِي قَتَلَهُ، وَباِليَتِمَينِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ عَنْ أَمْرِ اللهِ وَوَحْيِهِ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ تَفْسِيرٌ لَلأَفْعَالِ التِي لَمْ يَسْتَطِعْ مُوسَى الصَّبْرَ عَلَيْهَا.
بَلَغَا أَشُدَّهُمَا- قُوَّتَهُمَا وَشِدَّتَهُمَا وَكَمَالَ عَقْلِهِمَا.

.تفسير الآية رقم (83):

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)}
{وَيَسْأَلُونَكَ} {سَأَتْلُواْ}
(83)- وَتَسْأَلُكَ قُرَيْشٌ يَا مُحَمَّدُ- بِتَلْقِينٍ مِنَ اليَهُودِ- عَنْ خَبَرِ ذِي القَرْنَيْنِ، فَقُلْ لَهُمْ سَأَقُصُّ عَلَيْكُمْ قِصَّتَهُ كَمَا أَخْبَرَنِي بِهَا رَبِّي.
(وَلا يَعْرِفُ أَح مَنْ هُوَ ذُو القَرْنَيْنِ هَذا المَقْصُودُ فِي هَذِهِ القِصَّةِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ ذَا القَرْنَيْنِ المُشَارُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ هُوَ رَجُلٌ مٌؤْمِنٌ، يَعْرِفُ اللهَ وَيَمْتَثِلُ لأَمْرِهِ).

.تفسير الآية رقم (84):

{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)}
{وَآتَيْنَاهُ}
(84)- إِنَّا أَعْطَيْنَاهُ مُلْكاً عَظِيماً ثَابِتاً مُمَكَّناً لَهُ فِيهِ، وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، وَبَسَطْنَا لَهُ اليَدَ، وَقَدَّرْنَا لَهُ الأَسْبَابَ التِي تُوصِلُهُ إِلَى مَا يُرِيدُ.
سَبَباً- عِلْماً وَطَرِيقاً يُوصِلُهُ إِلَيْهِ.

.تفسير الآية رقم (85):

{فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}
(85)- فَأَرَادَ بُلُوغَ المَغْرِبِ، فَأَتْبَعَ طَرِيقاً يُوصِلُهُ إِلَيْهِ، أَيْ سَلَكَ طَرِيقاً يُوصِلُهُ إِلَيْهِ.

.تفسير الآية رقم (86):

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)}
{ياذا القرنين}
(86)- فَسَلَكَ هَذا الطَّرِيقَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ السَّائِرُ، نَحْوَ الغَرْبِ (وَقِيلَ إِنَّهُ وَقَفَ عَلَى سَاحِلِ المُحِيطِ الأَطْلَسِي)، فَرَأَى الشَّمْسَ وَكَأَنَّهَا تَغْرُبُ، فِي البَحْرِ، فِي عَيْنٍ مِنْ طِينٍ أَسْوَدَ، وَوَجَدَ فِي المَكَانِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ فِي سَيْرِهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ كُفَّاراً، وَقَدْ أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ بِطَرِيقِ الإِلْهَامِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلَهُمْ، إِنْ هُمْ لَمْ يُقِرُّوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ بِتَعْلِيمِهِمْ طَرِيقَ الهُدَى وَالرَّشَادِ، وَيُبَصِّرَهُمْ بِأَحْكَامِ الشَّرَائِعِ وَالقَوَانِينِ.
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ- بِحَسَبِ رَأْيِ العَيْنِ.
حِمْئَةٍ- ذَاتِ حَمْأَةٍ وَالحَمْأَةُ هِيَ الطِّينُ الأَسْوَدُ وَهُنَاكَ مَنْ قَرَأَهَا فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ أَيِ حَارَّةٍ.
حُسْناً- الدَّعْوَةُ إِلَى الحَقِّ وَالهُدَى بِالمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ.